“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ”

• قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا ۚ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ۚ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا ۘ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة: 2

• الشعائر في اللغة: جمع شعيرة, والشعيرة: ما ندب الشرع إليه, وأمر بالقيام به.

☘️ أتى رجل إلى عبد الله بن مسعود فقال: اعهد إلي, فقال: إذا سمعت الله يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فارعِها سمعك, فإنه خير يأمر به, أو شر ينهى عنه.

• قال تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ)

• أي: لا تحلوا محارم الله التي حرمها تعالى, ولهذا قال تعالى: (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ) يعني بذلك تحريمه والاعتراف بتعظيمه, وترك ما نهى الله عنه تعاطيه فيه, من الابتداء بالقتال, وتأكيد اجتناب المحارم, كما قال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) البقرة: 217

• وقال تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) التوبة: 36

• وفي صحيح البخاري عن أبي بكرة أن رسول الله قال في حجة الوداع: (إنَّ الزمانَ قد استدارَ كهيئتِه يومَ خلقَ اللهُ السماواتِ والأرضَ ، السنةُ اثنا عشرَ شهرًا ، منها أربعةٌ حرمٌ ، ثلاثٌ متوالياتٌ : ذو القَعدةِ وذو الحَجةِ والمحرمُ ، ورجبُ مضرَ الذي بين جُمادى وشعبانَ) صحيح البخاري: (5550), صحيح مسلم: (1679)

• وقوله: (وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ) يعني: لا تتركوا الإهداء إلى البيت, فإن فيه تعظيما لشعائر الله, ولا تتركوا تقليدها في أعناقها لتتميز به عما عداها من الأنعام, وليعلم أنها هدي إلى الكعبة فيجتنبها من يريدها بسوء, وتبعث من يراها على الإتيان بمثلها, فإن من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئا – تفسير ابن كثير: ( 3 / 7) باختصار

• وقوله: (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا), ومعنى : (آمِّينَ) أي قاصدين.

قال السعدي : (من قصد هذا البيت الحرام، وقصده فضل الله بالتجارة والمكاسب المباحة، أو قصده رضوان الله بحجه وعمرته والطواف به، والصلاة، وغيرها من أنواع العبادات، فلا تتعرضوا له بسوء، ولا تهينوه، بل أكرموه، وعظموا الوافدين الزائرين لبيت ربكم.

• ودخل في هذا الأمر الأمرُ بتأمين الطرق الموصلة إلى بيت الله وجعل القاصدين له مطمئنين مستريحين، غير خائفين على أنفسهم من القتل فما دونه، ولا على أموالهم من المكس والنهب ونحو ذلك) تيسير الكريم الرحمن: (218)

• وقوله: (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا) أي: إذا حللتم من الإحرام بالحج والعمرة، وخرجتم من الحرم حل لكم الاصطياد، وزال ذلك التحريم. والأمر بعد التحريم يرد الأشياء إلى ما كانت عليه من قبل.

☘️ قوله تعالى: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا} أي: لا يحملنكم بغض قوم وعداوتهم واعتداؤهم عليكم، حيث صدوكم عن المسجد، على الاعتداء عليهم، طلبا للاشتفاء منهم، فإن العبد عليه أن يلتزم أمر الله، ويسلك طريق العدل، ولو جُنِي عليه أو ظلم واعتدي عليه، فلا يحل له أن يكذب على من كذب عليه، أو يخون من خانه.

• وقوله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} أي: ليعن بعضكم بعضا على البر. وهو: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأعمال الظاهرة والباطنة، من حقوق الله وحقوق الآدميين.

⭐️ والتقوى في هذا الموضع: اسم جامع لترك كل ما يكرهه الله ورسوله، من الأعمال الظاهرة والباطنة. وكلُّ خصلة من خصال الخير المأمور بفعلها، أو خصلة من خصال الشر المأمور بتركها، فإن العبد مأمور بفعلها بنفسه، وبمعاونة غيره من إخوانه المؤمنين عليها، بكل قول يبعث عليها وينشط لها، وبكل فعل كذلك.
{وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ} وهو التجرؤ على المعاصي التي يأثم صاحبها، ويحرج. {وَالْعُدْوَانِ} وهو التعدي على الخَلْق في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، فكل معصية وظلم يجب على العبد كف نفسه عنه، ثم إعانة غيره على تركه.

• {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} على من عصاه وتجرأ على محارمه، فاحذروا المحارم لئلا يحل بكم عقابه العاجل والآجل – المصدر السابق: (219)

Pin It on Pinterest

Share This