“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ”

• قال الله جل ثناؤه: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۗ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) التوبة: 34

•الله العليم الخبير ما أمر عباده بأمر إلا وفيه مصلحة كاملة أو راجحة, وما نهاهم عن شيء إلا وفيه مفسدة كاملة أو راجحة

• فينبغي للمؤمن أن يتيقن من ذلك, فالله تعالى يريد بنا اليسر, ويريد لنا السعادة, ويريد أن يدخلنا الجنة, ويسر لنا سبل النجاة, وحذرنا من سبل الشيطان ومواطن الهلاك.

• وهذا واضح جلي لمن عرف الله وتدبر آيات كتابه, ومن اعتقد خلاف هذا, فقط ضل سواء السبيل, وسلك طريق الهالكين, فليحذر المسلم من أن تنزلق قدمه في هذا المستنقع.

• فالله تعالى أمر عباده بالزكاة لأنها تطهير للنفس من الشح والاخلاق الرذيلة, وزيادة في إيمان المزكي؛ لان الإيمان يزيد بالأعمال الصالحة كما هو معلوم من اعتقاد أهل السنة.

• قال تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا) التوبة: (103)

•وزكاة المال حق للفقير, بها يُحفظ إيمان الفقير, يعدم السخط على أقدار الله, حين يرى الأغنياء يتمتعون بأموالهم وهو عاجز عن القيام بواجبه نحو من يعول

قال السعدي في تفسير الآية: هذا تحذير من اللّه تعالى لعباده المؤمنين عن كثير من الأحبار والرهبان، أي‏:‏ العلماء والعباد الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، أي‏:‏ بغير حق، ويصدون عن سبيل اللّه، فإنهم إذا كانت لهم رواتب من أموال الناس، أو بذل الناس لهم من أموالهم فإنه لأجل علمهم وعبادتهم، ولأجل هداهم وهدايتهم، وهؤلاء يأخذونها ويصدون الناس عن سبيل اللّه، فيكون أخذهم لها على هذا الوجه سحتا وظلما، فإن الناس ما بذلوا لهم من أموالهم إلا ليدلوهم إلى الطريق المستقيم‏.‏

ومن أخذهم لأموال الناس بغير حق، أن يعطوهم ليفتوهم أو يحكموا لهم بغير ما أنزل اللّه، فهؤلاء الأحبار والرهبان، ليحذر منهم هاتان الحالتان‏:‏ أخذهم لأموال الناس بغير حق، وصدهم الناس عن سبيل اللّه‏ – تيسير الكريم الرحمن (335)

• وقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أظهر الأقوال وأقربها للصواب في معنى يكنزون في هذه الآية الكريمة, أن المراد بكنزهم الذهب والفضة وعدم إنفاقهم لها في سبيل الله أنهم لا يؤدون زكاتها – انظر أضواء البيان: (2/116)

• وأما الكنز فقال مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر هو المال الذي لا تؤدى زكاته – تفسير ابن كثير: ( 4/122)

• وقوله: (يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ)

• هذا وعيد شديد لمن امتنع عن أداء الزكاة, فيجمع عليه يوم القيامة العذاب بنوعيه, عذاب النفس بالتوبيخ والتقريع والإهانة, وعذاب البدن بأن يلقى في نار جهنم.

• فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة قال: (مَن آتاه اللهُ مالًا، فلم يَؤَدِّ زكاتَه، مُثِّلَ له يومَ القيامةِ شُجَاعٌ أَقْرَعُ ، له زَبِيبَتان ، يٌطَوَّقُه يومَ القيامةِ ، ثم يَأْخُذُ بلِهْزِمَتَيْه ؛ يعني: شَدْقَيْه . ثم يقولُ : أنا مالُك ، أنا كَنْزُك ، ثم تلا : لا يحسبن الذين يبخلون الآيةُ) البخاري (1403), ومسلم (988)

• وقال صلى الله عليه وسلم: (ما مِن صاحبِ ذهَبٍ ولا فِضَّةٍ ، لا يؤدِّي منها حقَّها ، إلَّا إذا كان يومُ القيامةِ ، صُفِّحَتْ له صَفائحُ مِن نارٍ ، فأُحْمِيَ عليها في نارِ جهنَّمَ . فيُكوى بها جَنْبُه وجبينُه وظَهْرُه . كلَّما برَدَتْ أُعيدَتْ له . في يومٍ كان مِقدارُه خمسين ألفَ سنةٍ . حتَّى يُقْضى بينَ العِبادِ . فيرى سبيلَه . إمَّا إلى الجنَّةِ وإمَّا إلى النَّارِ…) مسلم (987)

Pin It on Pinterest

Share This