ج: ذهب جماهير العلماء إلى أن الحكم في أسارى الكفار يرجع إلى الإمام وهو مخير بين أربعة أشياء: إما القتل، وإما المن، وإما الفداء، وإما الاستعباد؛ حيث جاء في كتاب الله أمر الله بقتل الكفار، قال تعالى: ( فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ) التوبة: 5
وجاء الأمر بالمن عليهم أو قبول الفدية قال تعالى: ( فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء ) محمد : 4
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قتل بعض الأسرى ومنَّ على بعضهم وفادى بعضهم بمال وبأسرى من المسلمين، واسترق بعضهم.
فعنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ. أخرجه البخاري معلقًا (4042) وقال الحافظ: هو موصول بالإسناد الذي قبله.
وعن أَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ. أخرجه البخاري (4372)، ومسلم (1764).
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ اقْتُلُوهُ. أخرجه البخاري (3044)، ومسلم (1357)
وهذا ما ذهب إليه مالك وأحمد والشافعية وبعض الحنفية وابن القيم وغيرهم، والله تعالى أعلم.
أما حكم النساء والصبيان فيرقون بالأسر ولا يقتلون.