متى تعرض أعمال العباد على الله عز وجل؟

>> متى تعرض أعمال العباد على الله عز وجل؟

 متى تعرض أعمال العباد على الله عز وجل

      بسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

     ورد في ذلك عدة أحاديث تدل على أن أعمال العباد تعرض على الله تعالى كل يوم، ثم تعرض كل أسبوع مرتين- يوم الاثنين ويوم الخميس- ثم تعرض في شعبان، ولم يثبت حديث صحيح فيه أن الأعمال تعرض على الله ليلة النصف من شعبان.

     واعلم أن الله تعالى خالق أفعال العباد، ويعلم ما هم عاملون، يعلم ما كان وما سيكون، وما هو كائن، وما لم يكن لو كان كيف يكون.

     وإذا كان الأمر كذلك، فحريٌّ باللبيب السعيد أن يسارع إلى مغفرة من الله عز وجل بالتوبة النصوحة، ولا يجعل للشيطان سبيلًا إليه يمنعه من هذا العمل العظيم في هذا الشهر الذي ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين.

     ونذكر هاهنا بعض الأحاديث التي جاءت فيها الأوقات التي تعرض فيها الأعمال على الله تعالى، وأقوال أهل العلم في ذلك:

1- الدليل على أن الأعمال تعرض على الله تعالى كل يوم:

     حديث أَبِي مُوسَى الأشعري، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: ” إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ – وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: النَّارُ – لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ “– أخرجه مسلم (179) وغيره.

     قال النووي في شرحه على مسلم (1/161):

     معناه وَاللَّهُ أَعْلَمُ: يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ الَّذِي بَعْدَهُ.

 

     قال أبو العباس القرطبي في المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (3/28):

     قوله: (يرفع إليه عمل النهار قبل الليل) يعني أن الملائكة الموكلين بنا تحصي علينا عمل اليوم، فترفعه في آخره بقرب الليل، وكذلك في الليل ترفعه بقرب النهار.

     2- الدليل على أن الأعمال تعرض على الله جل جلاله يوم الاثنين والخميس من كل أسبوع:

     عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أنَّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” تُعْرَضُ أَعْمَالُ النَّاسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّتَيْنِ، يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ، إِلَّا عَبْدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: اتْرُكُوا، أَوِ ارْكُوا، هَذَيْنِ حَتَّى يَفِيئَا “– رواه مسلم (2565) وغيره.

     قال الملا القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/3150):

         قالَ الْقَاضِي: أَرَادَ بِالْجُمُعَةِ الْأُسْبُوعَ، وَعَبَّرَ عَنِ الشَّيْءِ بِآخِرِهِ وَمَا يَتِمُّ لَهُ وَيُوجَدُ عِنْدَهُ، وَالْمَعْرُوضُ عَلَيْهِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى.

     3- ما جاء أن الأعمال ترفع إلى الله سبحانه وتعالى في شهر شعبان، لا في ليلة النصف من شعبان:

     ورد حديث -صححه طائفة من علماء السلف والخلف- فيه أن الأعمال ترفع إلى رب العالمين في شهر شعبان، ولم يرد حديث صحيح فيه أن الأعمال ترفع في ليلة النصف من شعبان.

     فَعَنْ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ مِنَ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبَ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»– رواه النسائي في السنن (2357)، وأحمد في مسنده (21753)، وأشار إلى صحته الحافظ بن حجر في فتح الباري (4/215)، وحسنه الألباني في صحيح سنن النسائي (2356)، وفي صحيح الترغيب والترهيب (1022)، وحسنه شعيب الأرناؤوط في صحيح المسند (21753)، وصححه الشيخ مصطفى العدوي في كتابي الفقه الميسر (2/559)، وغيرهم من العلماء.

     قال البدر العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري (11/83):

     فإِن قلت: مَا وَجه تَخْصِيصه شعْبَان بِكَثْرَة الصَّوْم؟ قلت: لكَون أَعمال الْعِبَادَة ترفع فِيهِ، فَفِي النَّسَائِيّ من حَدِيث أُسَامَة …. وساق الحديث كما تقدم.

     جاء في عون المعبود وحاشية ابن القيم (12/313):

     في معرض كلامه عن القدر:

     ونظير هذا رفع الأعمال وعرضها على الله تعالى فإن عمل العام يرفع في شعبان كما أخبر به الصادق المصدوق أنه شهر ترفع فيه الأعمال فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم.

     وجاء في حاشية السندي على سنن النسائي (4/201):

     وَهُوَ شهر ترفع الْأَعْمَال فِيهِ إِلَى رب الْعَالمين قيل: مَا مَعْنَى هَذَا مَعَ أَنَّهُ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، قُلْتُ: يحْتَمل أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا: أنَّ أَعْمَالَ الْعِبَادِ تُعْرَضُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى كُلَّ يَوْمٍ ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَعْمَالُ الْجُمُعَةِ فِي كُلِّ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَعْمَالُ السَّنَةِ فِي شَعْبَانَ ….. معَ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِهِمْ خَافِيَةٌ.

ثَانِيهِمَا: أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا تُعْرَضُ فِي الْيَوْمِ تَفْصِيلًا ثُمَّ فِي الْجُمُعَةِ جملَة أَو بِالْعَكْسِ.

تم بحمد الله

الموقع الرسمي لأم تميم

www.omtameem.com

 

Pin It on Pinterest

Share This