ج: إما أن يكون الزوج صادق فيما يقول، وإما أن تكوني عفيفة صادقة فيما تقولين. فعلى الزوج أن يقيم أربعة شهود يشهدون بالزنا أو يلاعن.
واللعان هو شهادات مؤكدات بأيمان من الجانبين وهما الزوج والزوجة، فيشهد الرجل أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم تشهد المرأة أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة: أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين.
والأصل في اللعان قوله تعالى: ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ ) [النور: 6-10].
وما روي عن أنس بن مالك أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ وَكَانَ أَخَا الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ لِأُمِّهِ وَكَانَ أَوَّلَ رَجُلٍ لَاعَنَ فِي الْإِسْلَامِ، قَالَ فَلَاعَنَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّـهِ صلى الله عليه وسلم : «أَبْصِرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَبْيَضَ سَبِطًا قَضِيءَ الْعَيْنَيْنِ فَهُوَ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ فَهُوَ لِشَرِيكِ بنِ سَحْمَاءَ» قَالَ فَأُنْبِئْتُ أَنَّهَا جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْن.أخرجه مسلم (1496)، والنسائي (3468).
التفريق بين الزوج والزوجة بلعانهما
ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الفرقة تقع بين الزوج والزوجة بلعانهما جميعًا سواء رضي الحاكم أم لا؛ لأن الشرع ورد بالتفريق بين المتلاعنين، وفرقة اللعان تستند إلى حكم الله ورسوله فلا تتوقف على حكم الحاكم، فهي فرقة بنص القرآن والسنة بغير رضا أحد، لا المتلاعنين ولا الحاكم، والله تعالى أعلم.
الفرقة بين المتلاعنين توجب تحريمًا مؤبدًا
ما عليه جمهور العلماء من السلف والخلف أن الفرقة بين المتلاعنين توجب تحريمًا مؤبدًا فلا يجتمعان بعدها أبدًا؛ لما روي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المُتَلَاعِنَانِ إِذَا تَفَرَّقَا لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا». أخرجه الدارقطني (6/276). وقوله صلى الله عليه وسلم : «لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا». متفق عليه.
كما أن غضب الله حل بأحدِهما لا محالة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم عند الخامسة: «إِنَّهَا مُوجِبَةٌ» صحيح سنن أبي داود (2255)، وصحيح النسائي (3472). أي موجبة للعن والغضب ولا يستطيع أحد أن يجزم مَن منهما قد حلت به اللعنة، وحكمة الشرع تأبى أن يجتمع رجل صالح مع امرأة ملعونة أو العكس، والله تعالى أعلم.
الولد يلحق بأمه بعد الملاعنة
يلحق الولد بأمه بعد الملاعنة؛ لما روي عن نافع عن ابن عمر: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَاعَنَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ، فَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْـمَرْأَةِ». أخرجه البخاري (5315)، ومسلم (1494).