ج: تنازع الفقهاء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: الذي عليه أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وأبو حنفية وبعض الحنابلة والإمام ابن حزم هو وجوب الزكاة في الحلي.
وحجتهم: ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فتكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار». أخرجه مسلم (987)
وما روي عن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال لها «أتعطين زكاة هذا قالت لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار». قال: فخلعتهما فألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت هما لله عز وجل ولرسوله. صحيح أبي داود (1563)، وأحمد (6901)، والمصنف لعبد الرزاق (7095)، والمصنف لابن أبي شيبة (10159) والبيهقي (6/46)
ولا يجوز رد أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم والأخذ بالاجتهاد وإن كان من الصحابة وهذا مجمع عليه من أهل العلم، ولا يجوز القياس مقابل النص كما تقرر في الأصول، والله تعالى أعلم.
القول الثاني: مذهب مالك والشافعي والمشهور من مذهب أحمد أنه لا تجب زكاة في الحلي واستدلوا بما روي عن نافع عن ابن عمر قال: «ليس في الحلي زكاة». أخرجه عبد الرزاق في المصنف (7077). )، والبيهقي في السنن الكبرى ( 7328).
واستدلوا أيضًا ببعض الآثار الصحيحة التي جاءت عن الصحابة وبعض الأحاديث التي ضعفها أكثر أهل العلم.
الراجح: الذي أرجحه بعد ذكر هذه الأقوال والمذاهب، هو ما عليه أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وهو ما ذهب إليه الحنفية وبعض الحنابلة والإمام ابن حزم إلى وجوب الزكاة في الحلي ومن أظهر الأدلة على ذلك الأحاديث التي جاءت صحيحة صريحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في إيجاب زكاة الحلي ولا يجوز رد أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم والأخذ بالاجتهاد وإن كان من الصحابة وهذا مجمع عليه من أهل العلم، ولا يجوز القياس مقابل النص كما تقرر في الأصول، والله تعالى أعلم.