هل هُنَاكَ فَرْقٌ بَيْنَ دُعَاءِ اللهِ بِقَوْلِ ( يَا رَبِّ ) ودُعَائهِ بقَوْلِ ( يا اللهُ )؟
نَعْم؛ فالفَرْقُ بَيْنَ الدُّعَاءِ بــــ ( يَا رَبِّ )، والدُّعَاءِ بــــ ( يَا الله ): أَنَّ ( الله ) اسم خَاصٌّ بالأُلُوهِيَّةِ؛ لِذَلِكَ جَاءَتْ أَكْثَرُ آيَاتِ القُرْآنِ التي تَشْتَمِلُ عَلَى الدُّعَاءِ بِقَوْلِ ) يَا رَبِّ )؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة:201]
وقولهِ: ﴿ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (8) رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [آل عمران : 8 – 9]،
وقولهِ : ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (192) رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194) فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ﴾ [آل عمران:193]،
وقولهِ : ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾[الفرقان:74]، وقولهِ : ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا
رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة:286]
♦ فَنَجِدُ الغَالِبَ في هَذِهِ الأدْعِيَةِ: ( رَبَّنَا )؛ لأنَّ الرَّبَّ هُوَ المرَبِّي ، وكلمَةُ الرَّبِّ تَعْنِي: إفرادَ اللهِ بالخَلْقِ والملْكِ والتَّدْبِيْرِ؛ فهُوَ المرَبِّي والمدَبِّرُ للأَمْرِ، وهُوَ الرَّازِقُ، ولكِنْ ( اللهُ ) مُتَعَلِّقٌ بالأُلُوهِيَّةِ؛ فإِذَا كَانَ لَنَا حَاجَةٌ؛ فَنَسْأَلُ بــــ :
( الرَّبِّ )؛ لأنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بالربوبيَّةِ؛ أي: عطاءُ العبدِ وإكرامُهُ وإنعامُهُ وإمدادُهُ، كلُّ ذلك من خَصَائِصِ الرُّبوبيَّةِ، وهي: التَّدْبِيْرُ والرِّزقُ والمُلْكُ، وأَمَّا خَصَائِصُ الألوهِيَّةِ؛ فهي أَنْ نَعْبُدَهُ؛ فالدُّعاءُ عِبَادَةٌ، ولَكِنْ حِيْنَ أَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ؛ أَقُولُ: ( ربَّنَا ).
⭕والحِكْمَةُ من أنَّ أَغْلَبَ الدُّعَاءِ في القُرْآنِ بــ: ( رَبِّنَا ):
◀أنَّ الرَّبَّ هُوَ المدَبِّرُ، وهُوَ الخَالِقُ ، الرَّازِقُ، – فهذه من خصائص الربوبية كما وضحنا – فالعبْدُ يَسْألُهُ بالاسم الذي يخص حاجته؛ فالذِي يَرْزُقُهُ، ويُجِيْبُهُ: “الرَّبُّ”
✅ولكِنْ لا يَمْنَعُ ذَلِكَ أَنْ يَدْعُوَ العَبْدُ بالألوهِيَّةِ؛ فإِذَا سَأَلَ، وَقَالَ: ( اللهُمَّ )؛ فلا بأسَ؛ فلَقَدْ سَألَ النَّبِي ودعَا اللهِ بقولهِ: « اللهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ »
(أخرجه مُسْلمٌ في ” الصحيحِ ” ( : 486) عن عائشَةَ. ).
⚫ولكِنْ لَيْسَ هَذَا الغَالِبَ، إنَّمَا الغَالِبُ هُوَ السُّؤَالُ بـــــ: ( رَبَّنَا ).