وقفة مع آية
قال تعالى {مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16) وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19) لِّتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا (20)} [نوح : 13-20]
ما شأنكم، لماذا لا تخافون لله عظمته، ولا تقدروا لله قدره،
وقد خلقكم ﴿أَطْوَارًا﴾ أي: خلقًا من بعد خلق في بطون أمهاتكم، فبداية خلق الجنين يكون نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم تُكسى هذه المضغة
-وهي قطعة لحم صغيرة- بالعظم، ثم يخرج من بطن أمه لا يعلم شيئًا،
ثم يكون طفلًا ثم إنسانًا يُميز، وبعد كل هذا الإنعام والإحسان تقصرون في توقير الله الذي خلقكم على هذه الصورة البديعة ﴿{قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} [عبس : 17] .
ألا ترون كيف خلق الله سبع سموات، سماء فوق سماء؟! وجعل القمر في السماء الدنيا مصدرًا للإضاءة، وجعل الشمس مضيئة أيضًا، وفي ضوء الشمس منافع عظيمة جدًّا، لسنا بصدد ذكرها وكل ذلك يدل على عناية الرب سبحانه وتعالى بعباده، وإحسانه إليهم ورحمته ولطفه بهم، إذ يُيسِّر لهم كل ما يحتاجون إليه قبل إتيانهم إلى الدنيا، وبغير سؤال منهم، فما أكرمه وما أعظمه جل جلاله وتقدست أسماؤه.
والله خلقكم من الأرض حين خلق أباكم آدم عليه السلام ﴿ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا ﴾ وذلك عند الموت، حيث يدفن الإنسان في بطن الأرض، ثم يخرجكم يوم البعث منها إخراجًا، فيعيدكم كما بدأكم أول مرة .
والله بسط لكم الأرض ومهدها وهيأها للسير عليها والانتفاع بها، كل ذلك لتسلكوا منها طرقًا واسعة -والفج: المسلك بين الجبلين- وإن لم يبسط الأرض لنا ما كان لأحد زراعتها وحرثها، أو الانتفاع بها.
من كتاب التفسير سلسلة بداية الهداية للشيخة أم تميم
#وقفة_مع_آية