فوائد حديثية
الرفق
عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها ، أَنَّ النبي ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ، يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ» أخرجه مسلم (٢٥٩٣ ) وغيره .
١- العنف: الشدة والمشقة، وكل ما في الرفق من الخير، ففي العنف من الشر مثله .
٢- قوله ﷺ: «إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ، يُحِبُّ الرِّفْقَ…»:
استدل فريق من أهل العلم بهذا الحديث على أن الرفيق من أسماء الله تعالى، منهم ابن القيم رحمه الله ، وغيره.
٣ – قوله ﷺ: «وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ»:
والمعنى: أنه سبحانه وتعالى يعطي على الرفق أي: يثيب عليه ما لا يُثيب على غيره، وقال القاضي: معناه: يتأتى به من الأعراض، ويسهل من المطالب ما لا يتأتى بغيره ، فالله ييسر أمر الرفيق من عباده، ويعطيه ما لا يعطي العنيف الفظ الغليظ.
٤- رفق الداعي بالمدعوين:
على الداعي، أن يدعو الناس إلى الهدى برفق ولطف، وأن يتأمل آيات الكتاب، وكيف أرشد سبحانه وتعالى عباده إلى الرفق، وبيّن لهم أن استجابة الخلق للحق يكون بالرفق لا بالعنف .
وأمر موسى وهارون عليهما السلام بالرفق واللين في دعوتهم؛ لأعتى عتاة الأرض، الجبار فرعون
فمن دعا إلى الله برفق مستنًّا بسنة رسول الله ﷺ لانت له القلوب، وتذللت له الصعاب، وتيسرت له الأمور .
٥ – صور من رفق رسول الله ﷺ:
عَنْ عَائِشَةَ ڤ: أَنَّ يَهُودَ أَتَوُا النَّبِيَّ ﷺ فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: عَلَيْكُمْ، وَلَعَنَكُمُ اللَّهُ، وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ. قَالَ: «مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ، وَإِيَّاكِ وَالعُنْفَ وَالفُحْشَ» قَالَتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ: «أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ؟ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ، فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ، وَلاَ يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ» أخرجه البخارى (٦٠٣٠ ).
معنى السَّأم: الموت، فاليهود، قالوا: السَّأم عليكم أي: الموت بدلًا السلام عليكم، فترك النبي ﷺ مقابلة اليهود بمثل قولهم، ونهى عائشة ڤ عن الإغلاظ في ردها، ففي الحديث الرفق بالجاهل، والصفح عنه.
وإن كان الانتصار للنفس بمثل ما قُوبل به المرء جائز، والصبر أعظم أجرًا، وأعلى درجة .
فالرفق والصبر من أخلاق النبيين والصالحين، فيجب امتثال طريقتهم، والتأسي بهم؛ رجاء الثواب، ثواب الله تعالى .
٦- من ثمرات الرفق:
1- دخول الجنة .
2- حظ المرء من الخير بمقدار حظه من الرفق، وقد دلت أحاديث الباب على ذلك.
3- رفق الله تعالى بالعبد الرفيق .
4- دعوة الناس إلى الحق برفق أقرب للقبول، والانقياد لما يدعو إليه، كما دلت الآية التي ذكرناها في الباب.
من كتاب الحديث سلسلة بداية الهداية للشيخة أم تميم
#فوائد_حديثية