فوائد حديثية
•••••••••••••••
تحريم الظلم
••••••••••••••
عَنْ جَابِرِ رضى الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ، قَالَ: «اتَّقُوا الظُّلْمَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَاتَّقُوا الشُّحَّ، فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ» أخرجه مسلم ( ٢٥٧٨) وغيره .
١- الظلم حرام، بإجماع علماء المسلمين، وهو من كبائر الذنوب ، وقد جاءت فيه نصوص الوعيد قرآنًا وسُنَّة، والله جل ثناؤه حرم الظلم على نفسه، وحرَّمه بين العباد .
٢- الظلم هو الجور، ومجاورة الحد، وقيل: الظلم وضع الشيء في غير موضعه، والمعنى: احذروا عقوبة الظلم، فإن الظلم لصاحبه ظلمات يوم القيامة.
٣- قيل: الحديث محمول على ظاهره، أي: يكون الظلم ظلمات على صاحبه، فلا يهتدي بسببها، كما أن المؤمنين يوم القيامة يسعى نورهم بين أيديهم.
أو المراد بالظلمات: الشدائد
٤- من صور الظلم:
1- أخذ مال اليتيم.
2- ومن أعظم الظلم المماطلة بحق عليه مع قدرته على الوفاء
المطل: هو: منع قضاء ما استحق أداؤه، وهذا من الظلم؛ لأنه منع أداء الحقوق؛ لأصحابها مع القدرة على الأداء.
3- ومن الظلم أن يمنع المرأة حقها من صداقها، ونفقتها، وكسوتها، ويشهد له الحديث السابق.
4- ومن الظلم أن يستأجر أجيرًا، أو إنسانًا في عمل، ولا يعطه أجرته
وكذلك إذا ظلم يهوديًّا أو نصرانيًّا، أو نقصه حقه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفسه.
5- ومن الظلم أخذ أموال الناس بالباطل، سواء كانت عقارات أو أراضي، أو مال، وما أشبه ذلك.
٥- أنواع الظلم:
قال بعض العلماء: الظلم ثلاثة أنواع:
الأول: ظلم بين الإنسان وبين الله تعالى، وأعظمه الكفر والشرك
الثاني: ظلم بينه وبين الناس بالتعدي عليهم ماديًّا أو معنويًّا .
الثالث: ظلم بينه وبين نفسه بارتكاب المعاصي.
٦- الحذر من دعوة المظلوم على الظالم:
قال رسول الله ﷺ: «وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ
اللهِ حِجَابٌ»( متفق عليه ).
ففي الحديث، دليلٌ على استجابة دعوة المظلوم، وإن كان فاجرًا ففجوره على نفسه، يحاسبه الله عليه يوم القيامة -إن لم يتب أو لم يعف الله عنه- فلا تمنع أحدًا حقه، أو تتكلم في عرضه، أو تأخذ منه شيئًا ظلمًا –وإن كان كافرًا- حتى لا يدعو عليك.
ولكن إذا أخذ المظلوم حقه في الدنيا، فدعا على الظالم بقدر مظلمته، واستجاب الله دعاءه فيه، فقد اقتص لنفسه قبل أن يموت .
٧- قوله ﷺ: «وَاتَّقُوا الشُّحَّ، فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ»:
فحذر النبي ﷺ من أمرين: من الظلم، ومن الشح، والشح: هو الحرص على ما ليس عندك، والبخل بما عندك، فكان الشح سببًا في هلاكهم؛ لأنهم حرصوا على الدنيا، فحملهم ذلك على القتل، وسفك الدماء، واستحلوا محارم الله تعالى، أي: صيّروا ما حرم الله عليهم حلالًا .
٨ – من مضار الظلم:
1- يُقتصُّ للمظلوم من الظالم -إن لم يرد الظالم للمظلوم حقه في الدنيا (ماديًّا كان أو معنويًّا) أو يعفو عنه- تؤخذ من حسنات الظالم، فتضاف إلى حسنات المظلوم، فإذا نفذت حسنات الظالم، يؤخذ من سيئات المظلوم فتطرح على الظالم .
2- الظالم لن يجد يوم القيامة، من ينصره أمام الله.
3- نفاذ دعوة المظلوم فيه، كما بينا في الحديث.
4- الظلم المتعلق بحق الله والإشراك به، يُحرم صاحبه الشفاعة يوم القيامة.
5- الظلم يفسد القلب، ويجعله قاسيًا كغيره من المعاصي.
6- الظلم معصية متعدية، يصعب التوبة منها لوجوب رد الحقوق إلى المظلوم، أو عفو المظلوم عن من ظلمه.