ثلاث وصفهن الله بالجمال وأمر نبيه ﷺ بهن
قال تعالى : (فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا) المعارج ٥,
وقال: (وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا) المزمل١٠,
وقال: (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) الحجر٨٥
فأما الصبر الجميل:
صبرٌ لا شكوى فيه ولا جزع
فالصبر الجميل أن تحبس نفسك عن الجزع عند نزول البلاء,
وتحبسها عن شكوى الله لخلق الله, وتتذكر أن من أنزل همه بالناس زاد, ومن أنزل همه بالله زال.
وتحبسها عن معاصي الله, وتحبسها على طاعة الله على مراده وعلى هدي نبيه صلى الله عليه وسلم.
فاسعَ في هذه الأيام المباركة لتحقيق الصبر الجميل, فبه تؤجر بغير حساب, قال تعالى ذكره: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) الزمر ١٠
☘ فأما الهجر الجميل
فعموم لفظ الآية (وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ) المزمل ١٠ يعني: أن يتجنب المسلم أهل المعاصي ويكل أمرهم إلى الله فلا يؤذيهم ولا يسبهم ولا يلعنهم وكل ذلك بعد القيام بواجبه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
تأمل حال إبراهيم عليه السلام لما اشتد أذى قومه له ولم يذعنوا إلى ما دعاهم إليه من عبادة الله تعالى, أعرض عنهم وهجرهم, وقال: (إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) العنكبوت ٢٦, وقال: (إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ) الصافات ٩٩
فينبغي على العاقل أن يهجر أهل المعاصي وخاصةً في هذا الشهر المبارك, فحري بك أيها المسلم أن تهجر مشاهدة وسماع الباطل وأهله, وتهجر صحبة السوء فهم لا يزالون بك حتى يضيع منك بركات هذا الشهر وأعظمها العتق من النار,
فأعرض عنهم ولا تجالسهم ولا تخالطهم, واستعن بالله على طاعته وإن كنت وحدك, فسيؤنس وحدتك ويذهب وحشتك ويملأ قلبك رضا,
فأقبل يا باغي الخير
والصفة الثالثة التي وصفها الله تعالى بالجمال هي:
الصفح…
↩ قال تبارك وتعالى: (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) الحجر ٨٥
والصفح أبلغ من العفو, فقد يعفو الإنسان ولا يصفح, لأن الصفح إزالة أثر الذنب من النفس, كما قال أهل العلم.
☘ ولذلك أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع في القرآن بالصفح.
قال جل ثناؤه: (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ) الزخرف ٨٩
وقال: (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) الحجر ٨٥ , وقال: (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) المائدة ١٣
وأمر سبحانه عباده المؤمنين بالصفح, قال: (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ) البقرة ١٠٩, وقال: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ) النور ٢٢, وغير ذلك من الآيات
ونُكتة الموضوع, أن الصفح أعمق من العفو, فهو يزيل أثر الضغائن من النفس والقلب, فالعبد الصفوح يذوق حلاوة الإيمان التي لا تجتمع مع قلب فيه ضغائن.
أيضًا الصفح من مستلزمات الإحسان, والإحسان أعلى درجات الإيمان.
فتأمل هذا جيدًا, ولا تحرم نفسك الإحسان في الإيمان, وكن صفوحًا يا باغي الخير.