تحريم الغيبة بالقلب
قال الغزالي رحمه الله: اعلم أن سوء الظن حرام, مثل سوء القول، فكما يحرم عليك أن تحدث غيرك بلسانك بمساوئ الغير, فليس لك أن تحدث نفسك وتسىء الظن بأخيك
ولست أعنى به إلا عقد القلب وحكمه على غيره بالسوء فأما الخواطر, وحديث النفس فهو معفو عنه, بل الشك أيضا معفو عنه, لكن المنهي عنه أن يظن, والظن عبارة عما تركن إليه النفس, ويميل إليه القلب, فقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) الحجرات ١٢
وسبب تحريمه أن أسرار القلوب لا يعلمها إلا علَّام الغيوب…
وما لم تشاهده بعينك, ولم تسمعه بأذنك, ثم وقع في قلبك فإنما الشيطان يلقيه إليك، فينبغي أن تكذبه فإنه أفسق الفساق…
كيف تميز بين الشك المعفو عنه وبين عقد الظن المحرم؟
أما علامة عقد الظن أن يتغير القلب معه عمَّا كان، فينفر عنه نفورًا ما, ويستثقله ويفتر عن مراعاته وتفقده وإكرامه, فهذه أمارات عقد الظن و تحقيقه.
ومن ثمرات سوء الظن التجسس, فإن القلب لا يقنع بالظن ويطلب التحقيق فيشتغل بالتجسس, وهو أيضا منهي عنه. قال تعالى: (وَلَا تَجَسَّسُوا) الحجرات ١٢,
فالغيبة وسوء الظن والتجسس منهي عنهم في آية واحدة
ومعنى التجسس أن لا يترك عباد الله تحت ستر الله, فيتوصل إلى الاطلاع وهتك الستر, حتى يكشف له ما لو كان مستورًا عنه كان أسلم لقلبه ودينه