السخرية والاستهزاء
السخرية من عباد الله, والاستهانة بهم, وتحقير شأنهم والإشارة إلى عيوبهم – سواء أكان العيب في الخلقة أو في الخلق – والضحك على بعض أقوالهم وأفعالهم, كل هذا محرم بنص القرآن والسنة.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) الحجرات ١١
وقوله (وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ) أي: لا تعيبوا إخوانكم, وقوله: (وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ) أي: لا تتداعو بالألقاب, وهي التي تسوء الشخص سماعها, قاله ابن كثير.
وقال تعالى: (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ) الهمزة ١, والهمز بالفعل, واللمز بالقول, فسواء كانت السخرية بالإشارة أو بالكلام فالكل حرام
واعلم أن السخرية من الكبر, والكبر من المعلوم أنه من كبائر الذنوب, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الكِبرُ بَطرُ الحقِّ وغمطُ النَّاسِ) مسلم ٩١,
وغمط الناس: أي احتقارهم واستصغارهم والانتقاص من قدرهم.
وأعظم أنواع السخرية, هي السخرية والاستهزاء بأهل الإيمان, والذي يفعل ذلك قد تلبس بفعل وقول أهل الجاهلية المجرمين.
قال تعالى ذكره: (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ – وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ – وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَىٰ أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ – وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَضَالُّونَ – وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ) المطففين ٢٩ – ٣٣
وقد يكون المسخور منه خيرًا من الساخر, قال تعالى: ( لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ) فالعبرة ليست بكثير المال, ولا الجاه, ولا المنصب, إنما العبرة بالتقوى فأفضل الخلق عند الله وأكرمهم عليه أتقاهم له.
قال جل في علاه: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات 13
فانتبه لهذا الخلق المذموم, الذي يُبغضه الله ويُبغض صاحبه, ويعاقبه عليه في الدنيا والآخرة.
وقد قال بعضهم: لا تعاير بالعيب على رأس أخيك …… فيعافيه الله ويبتليك.