ج: اختلف العلماء في هذه المسألة. والذي أرجحه هو ما ذهب إليه الشافعي ومن وافقه من أن التسمية على الذبيحة مستحبة، فإن تركها الذابح عمدًا أو سهوًا حلت الذبيحة؛ لأن ذبيحة المسلم حلال، وحجتهم في ذلك ما يأتي:
1. قول الله تعالى:
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ)
[المائدة: 3], فأباح بالتذكية من غير اشتراط التسمية ولا وجوبها, لأن التذكية في اللغة هي: الشق والفتح.
2. قوله تعالى: ( وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ ) [ المائدة 5]
فأباح الأكل من ذبائحهم وهم لا يسمون.
3.ما روي عن عائشة رضي الله عنها: «أَنَّ قَوْمًا قَالُوا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَا بِاللَّحْمِ لَا نَدْرِي أَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا!! فَقَالَ: سَمُّوا عَلَيْهِ أَنْتُمْ وَكُلُوهُ قَالَتْ: وَكَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِالْكُفْرِ ) أخرجه البخاري (5507). فهذا دليل على أن التسمية ليست واجبة؛ لأنها لو كانت واجبة لاشترطت على كل حال.
4. وأجابوا عن قوله تعالى: ( وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ) [ الأنعام 121] أن المراد ما ذبح للأصنام وما أهل به لغير الله كمن ذبح باسم المسيح ونحوه, وقد أجمع المسلمون على أن من أكل من متروك التسمية ليس بفاسق.