فوائد حديثية
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضى الله عنه ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» أخرجه مسلم (٤٩ ) وغيره .
١- الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر من واجبات الإيمان والإسلام، بأدلة الكتاب والسنة، وإجماع الأمة .
٢ – المعروف: اسم جامع لكل ما عُرف من طاعة الله تعالى، والتقرب إليه، والإحسان إلى الناس، وكل ما ندب إليه الشرع… والمنكر ضد ذلك كله .
فالمنكر: كل ما أنكره الشرع وحرمه من أنواع المعاصي؛ كبائر كانت أو صغائر.
٣ – قوله ﷺ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ»:
يدل على أن الإنكار متعلق بالرؤية، فلو كان مستورًا فلم يره ولم يعلم مكانه فلا شيء عليه.
٤- لابد لمغير المنكر، أن يكون عالمًا بما يغير، عارفًا بالمنكر من غيره، فقيهًا بصفة التغيير ودرجاته، وغلبت على ظنه منفعة فليغير بيده، فيكسر آلات الباطل، ويريق الخمور بنفسه، أو يأمر من يتولى ذلك، أو ينزع الأشياء المغصوبة-كالأرض والأموال- من يد المغتصبين، ويردها لأصحابها، أو يستعين بغيره على ذلك، كل هذا إن أمكنه .
٥ – قوله ﷺ: «فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ»:
فإن غلب على ظنه أن تغيير المنكر باليد يسبب منكرًا أشد منه، من قتله أو قتل غيره بسببه، كف يده واقتصر على القول باللسان والوعظ والتخويف من عقاب الله في الدنيا والآخرة.
٦ – فإن خاف –أيضًا- أن يسبب قوله منكرًا أشد من الذي ذكرناه، غير بقلبه -أي: أنكر بقلبه الباطل-، وهذا هو فقه المسألة، وصواب العمل فيها عند العلماء والمحققين .
٧ – قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : إذا لم يُزل المنكر إلا بما هو أنكر منه، صار إزالته على هذا الوجه منكرًا، وإذا لم يحصل المعروف إلا بمنكر مفسدته أعظم من مصلحة ذلك المعروف، كان تحصيل ذلك المعروف على هذا الوجه منكرًا.
٨ – قوله ﷺ: «وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ»:
قد دل هذه الحديث -وغيره- على وُجُوبِ إنكارِ المنكر بحسب القُدرة عليه، وإنَّ إنكارَه بالقلب لابدَّ منه، فمن لم يُنْكِرْ قلبُه المنكرَ، دلَّ على ذَهابِ الإيمانِ مِنْ قلبِه …. فتبيَّن بهذا أنَّ الإنكارَ بالقلب فرضٌ على كلِّ مسلمٍ في كلِّ حالٍ، أمَّا الإنكارُ باليدِ واللِّسانِ فبحسب القُدرة .
٩ – من فوائد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
1- النصر والتأييد والتوفيق من الله لمن قام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
2- شكر الله على نعمة عظيمة من نعمه، ألا وهي المعافاة في البدن .
3- القيام بوظيفة الأنبياء والمرسلين، ألا وهي الدعوة إلى الله، وأصل الدعوة قائم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
4- النجاة من عقاب الله الذي توعد به من ترك الأمر بالمعرف والنهي عن المنكر .
5- الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، يدل على صدق محبة العبد لربه تبارك وتعالى والغَيرة لدينه، وإجلاله وتعظيمه، فيُحب أن يرى العباد طائعين لربهم، شاكرين لأنعمه، ذاكرين له غير غافلين، مقبلين على دينه غير مدبرين.
من كتاب الحديث سلسلة بداية الهداية للشيخة أم تميم
#فوائد_حديثية