فوائد حديثية
النصيحة
عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ، قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» أخرجه مسلم (٥٥).
١- النصح: بذل المودة والاجتهاد في المشورة، والإخلاص فيها، والناصح: الخالص من العسل، وكل شيء خَلَصَ فقد نصح .
٢- قوله ﷺ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ …»:
فيه حذف تقديره: عماد الدين وقوامه النصيحة، كما يُقال: الحج عرفة، أي: عماد الحج وقوامه وقوف عرفة،
والمعنى: فمعظم أركان الدين النصيحة، كأن النصيحة هي جماع الدين وملاكه، لأن من لا نصح عنده وباطنه متلبس بالغش، فليس عنده من الدين إلا الاسم .
٣- قوله ﷺ: «لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ …»:
النصيحة لله: معناه: الإيمان به، ونفي الشرك معه، وترك الإلحاد في صفاته -بإنكار الصفات أو تحريفها عن معناه- ووصفه سبحانه وتعالى بصفات الجلال والكمال، وتنزيهه عن النقائص، والقيام بطاعته، واجتناب معصيته، وموالاة من أطاعه، ومعاداة من عصاه، والاعتراف بنعمته وشكره عليها، والإخلاص في جميع الأمور.
٤- قوله ﷺ: «وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ…»:
النصيحة لكتاب الله سبحانه وتعالى هي الإيمان بأنه كلام الله وتنزيله، لا يشبهه شيء من كلام الخلق، ولا يقدر على مثله أحد من المخلوقات.
ثم تعظيم تلاوته حق تلاوته، وإقامة حروفه في التلاوة، والتصديق بما فيه، وفهم معانيه والعمل به.
أما النصيحة لرسوله ﷺ: فتصديقه والإيمان بما جاء به، وطاعته في أوامره ونواهيه، ونصرته حيًّا وميتًا، بنصر دينه، وتعظيمه وتوقيره وإحياء سنته، والتخلق بأخلاقه، والتأدب بآدابه، ومحبة أهل بيته وأصحابه -رضوان الله عليهم .
٥- قوله ﷺ: «وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ»:
أما النصيحة لأئمة المسلمين: طاعتهم في الحق ومعونتهم عليه وأمرهم به، وتذكيرهم إياه على أحسن الوجوه، وإعلامهم بما غفلوا عنه، ولم يبلغهم من أمور المسلمين، وترك الخروج عليهم، وتأليف قلوب الناس لطاعتهم.
والنصح لعامة المسلمين: إرشادهم لمصالحهم، ومعونتهم في أمر دينهم ودنياهم بالقول والعمل، وتنبيه غافلهم، وتعليم جاهلهم، وستر عوراتهم، ودفع المضار عنهم، وجلب المنافع في الدين والدنيا إليهم قدر المستطاع .
وترك النصيحة لهم على الملأ، إنما يكون ذلك بينك وبين أخيك المسلم، فهو أقرب للقبول، وسلامة الصدر من الغل؛ لأنك إذا نصحته على الملأ كشفت عوراته وعيوبه، ولم تستره، وهذا لا يجوز.
وإن لم تكن النصيحة متعلقة بعيبه أو عورته، فقد يظن أنك تريد أن تنتقص منه، فيترتب على ذلك مفاسد كثيرة، بخلاف النصيحة سرًّا بينك وبينه.
من فوائد النصيحة:
1- التشبه بالأنبياء، في نصحهم لأممهم .
2- دليل حب الخير للمسلمين، والحرص على توصيل المنافع إليهم، ودفع المضار عنهم.
3- سلامة القلب من الشرك، وفساد الاعتقاد، بتحقيق النصح لله ولكتابه.
4- علامة على صدق محبة النبي ﷺ، بإتباعه وتعظيمه وتوقيره والذب عن شريعته ودينه ، بتحقيق النصيحة لرسوله .
من كتاب الحديث _ سلسلة بداية الهداية للشيخة أم تميم
#فوائد_حديثية