الهوى
اتباع الهوى يقود صاحبه للضلال والفساد وطمس البصيرة عن رؤية الحق وهو أشد وأخطر من النفس الأمارة بالسوء, فالنفس الأمارة تأمر صاحبها بالسوء وهو يعلم أنه محرم منهي عنه,
أما الهوى يسبب العمى– والعياذ بالله – فمع الوقت لا يرى الحق حقا ولا يرى الباطل باطلا, ومعلوم أن صاحب النفس الأمارة بالسوء مع جهاده لها تتحول لنفس لوَّامة ثم مطمئنة بالاستعانة بالله عز وجل,
لكن صاحب الهوى فبلائه عظيم فهو لا يدري ولا يرى مصيبته من الأصل, يقول الله في كتابه العزيز: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ – وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) الأعراف 175-176
أمر الله عز وجل نبيه أن يخبر الأمة بحال من رُزق الآيات وجاءه الحق واضح جلي فعلمه وفهمه ثم انسلخ ونزع نفسه منه فكانت النتيجة أنه صار من الغاويين…
ونرى الآن مثل هؤلاء الكثير والكثير؛فكم من سائرٍ على الطريق ضل وسقط, وكم من حافظٍ وقارئٍ وطالب علمٍ على الجادة حاد عن جادته واتبع هواه فأضله عن سواء السبيل.
ولو شاء الله عز وجل لرفعه لكنه سبحانه لم يشأ ذلك؛ لعلمه بحال قلبه وسوء سريرته ورفضه ورده للحق والصلاح وحبه للباطل والفساد. وأمر سبحانه وتعالى نبيه بقص القصص؛ لما في ذلك من عبر وعظات تجعل العبد يتفكر في حاله ولا يغتر أبدًا بنفسه ويحذر من الزلل واتباع الهوى.
ولذلك كان إبراهيم يقول: (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ ) إبراهيم 35,
فإن كان هذا هو حال خليل الله إبراهيم فكيف بحال من هو أقل منه منزلة من المسلمين !فعلينا جميعًا أن نتبرأ من الحول والقوة ونكون على حذرٍ دائم, ولا نأمن مكر الله, ونكون في حالة ذكرٍ ووجلٍ وخوفٍ دائم لعل في ذلك تكون النجاة..