>> هل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة سنة أم بدعة؟
قراءة سورة الكهف
يوم الجمعة
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذا مبحث مختصر في حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، والمبحث يتناول الآتي:
- خلاصة أقوال علماء السلف والخلف في قراءة سورة الكهف يوم الجمعة.
- تخريج حديث أبي سعيد الخدري – وهو العمدة في المسألة – وبيان حكم علماء الحديث عليه من السلف والخلف.
- أقوال أصحاب المذاهب الأربعة وغيرهم من العلماء في قراءة سورة الكهف يوم الجمعة.
أولًا: خلاصة أقوال العلماء:
l ذهب أكابر علماء الأمة من السلف والخلف من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا وعلى مدار أكثر من ألف وأربعمائة عام إلى استحباب قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، وقد تلقت الأمة -علماؤها وعوامها- هذا العمل بالقبول.
l منهم جماهير الأئمة من: الحنفية، والشافعية، والحنابلة،وبعض المالكية، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، ومن المعاصرين العلامة: ابن باز، وابن عثيمين، والألباني، وغبرهم.
وحجتهم في ذلك:
أحاديث كثيرة جاءت في فضل قراءة الكهف يوم الجمعة، وأقوى هذه الأحاديث، حديث أبي سعيد الخدري ، وسيأتي قريبًا.
l وقد اختلف العلماء في حديث أبي سعيد الخدري t هل هو مرفوع أم موقوف؟ الموقوف أصح عند كثير من علماء الحديث.
l وقد تقرر عند علماء الأصول أن الحديث إذا كان صحيحًا موقوفًا فله حكم المرفوع، وخاصة إذا كان فيه بيان الثواب أو العقاب المترتب على العمل، فإن مثل ذلك لا يقال من جهة الرأي([1])، وسيأتي بيان ذلك في ثنايا أقوال أهل العلم.
ثانيًا: حديث أبي سعيد الخدري ، وحكم علماء الحديث عليه، وفيه روايتان:
الرواية الأولى: ” مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ , أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ”- رواه الحاكم (2/368)، والبيهقي في الكبرى(3/249)، وفي الصغرى (635)، وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/175): رواه الدارمي وسعيد بن منصور موقوفًا، قال النسائي بعد أن رواه موقوفًا ومرفوعًا: وقفه أصح وله شاهد من حديث ابن عمر، وقال ابن حجر أيضًا: هو أقوى ما ورد في قراءة سورة الكهف- انظر: فيض القدير (6/198).
وقال ابن كثير في إرشاد الفقيه (1/199) روي مرفوعًا وموقوفًا، وحسَّن إسناده البهوتي في كشاف القناع (2/43)، وحسنه الألباني في تخريج مشكاة المصابيح(2116)، وفي الإرواء (626)، وصححه في صحيح الجامع (6470).
الرواية الثانية:“مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَهُ
وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ”- رواه الدارمي (3407)، والبيهقي في شعب الإيمان
(2/959) موقوفًا، والمنذري في الترغيب والترهيب (1/353)، وابن الضريس في فضائل القرآن(211)، والخطيب في تاريخ بغداد (4/134)،
وابن الملقن في تحفة المحتاج (1/522)، وأبو عبيدة في فضائل القرآن (ص:131) موقوفًا، وصححه الألباني في صحيح الجامع (6471)، وصحيح الترغيب والترهيب (736).
ثالثًا: أقوال أصحاب المذاهب الأربعة وغيرهم من الأئمة في استحباب قراءة سورة الكهف يوم الجمعة:
جاء في حاشية ابن عابدين الحنفي (2/164):
سئل بعض المشايخ ليلة الجمعة أفضل أم يومها؟ فقال: يومها ذكر في إحكامات الأشباه مما اختص به يومها قراءة الكهف فيه.
وجاء في حاشية الطحطاوي الحنفي (ص:501):
باب الجمعة: ….. وخص يومها بقراءة سور الكهف.
وقال ابن الحاج المالكي في المدخل (2/281):
وقد تقدم النهي عن القراءة جماعة والذكر جماعة. وإذا كان ذلك كذلك فينبغي له أن ينهى الناس عما أحدثوه من قراءة سورة الكهف يوم الجمعة جماعة في المسجد أو غيره.
قد ورد استحباب قراءتها كاملة في يوم الجمعة خصوصا فذلك محمول على ما كان عليه السلف – رضي الله عنهم – لا على ما نحن عليه فيقرأها سرا في نفسه في المسجد أو جهرا في غيره.
قال الشافعي في الأم (2/432):
وأحب قراءة الكهف ليلة الجمعة، ويومها لما جاء فيها.
قال الإمام النووي في المجموع شرح المهذب (4/548):
بعد أن ذكر حديث أبي سعيد الخدري المتقدم ورجح وقفه قال:
قال الشافعي في الأم:
ويستحب قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة وليلتها…
وجاء في أسنى المطالب في شرح روضة الطالب (1/269):
ويُسنُّ الإكثار من قراءتها فيهما([2]) نقله الأذرعي عن الشافعي والأصحاب، قال وقراءتها نهارًا آكد.
قال ابن قدامة الحنبلي في المغني (2/262):
فصل: ويستحب قراءة الكهف يوم الجمعة … وساق جملة من الأحاديث، منها حديث أبي سعيد المتقدم.
وجاء في المبدع شرح المقنع لابن مفلح الحنبلي (2/155):
استحباب الاشتغال بالدعاء والصلاة على النبي يوم الجمعة… ويقرأ سورة الكهف في يومها، وساق حديث أبي سعيد المتقدم.
وجاء في كشاف القناع للبهوتي الحنبلي (2/43):
ويسن أن يقرأ سورة الكهف في يومها اقتصر عليه الأكثر، لما روى البيهقي بإسناد حسن عن أبي سعيد مرفوعًا … وساق الحديث.
وجاء في الفتاوى الكبرى لابن تيمية (3/363):
هل قراءة الكهف بعد عصر الجمعة، جاء فيه حديث أم لا؟
الجواب: الحمد لله. قراءة سورة الكهف يوم الجمعة فيها آثار، ذكرها أهل الحديث والفقه، لكن هي مطلقة يوم الجمعة، ما سمعت أنها مختصة بعد العصر،
والله أعلم. انتهى- وانظر مجموع الفتاوى لابن تيمية (24/215).
قال ابن القيم في زاد المعاد (1/366):
في معرض كلامه عن خواص يوم الجمعة ….
الخاصة العاشرة: قراءة سورة الكهف في يومها.
جاء في التنوير شرح الجامع الصغير للمناوي (10/351):
بعد أن ساق حديث أبي سعيد المتقدم: من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق …. قال الحافظ ابن حجر: وقع في رواية: يوم الجمعة، وفي روايات: “ليلة الجمعة” والجمع بينهما بأن المراد: اليوم بليلته والليلة بيومها.
جاء في مجموع الفتاوى لابن باز (25/196):
س: هل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة وليلتها عمل مندوب؟
في ذلك أحاديث مرفوعة يسند بعضها بعضًا، تدل على شرعية قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة. وقد ثبت ذلك عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه موقوفًا عليه ومثل هذا لا يعمل من جهة الرأي بل يدل على أن لديه فيه سنة.
جاء في مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (16/143):
سئل فضيلة الشيخ – رحمه الله تعالى -: ما حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة؟ وهل هناك فرق بين من يقرأ من المصحف أو عن ظهر قلب؟
فأجاب فضيلته بقوله: قراءة سورة الكهف يوم الجمعة عمل مندوب إليه، وفيه فضل، ولا فرق في ذلك بين أن يقرأها الإنسان من المصحف أو عن ظهر قلب.
واليوم الشرعي من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
تم بحمد الله تعالى
الموقع الرسمي لأم تميم
www.omtameem.com