ج: إن كان للميت وارث فلا يجوز له أن يوصي بأكثر من الثلث؛ لما روي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَوْ غَضَّ النَّاسُ إِلَى الرُّبْعِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ “الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ”. أخرجه البخاري (2743)، ومسلم (1629) موقوفًا على ابن عباس.
وهذا مما اتفق عليه أهل العلم.
أما إذا لم يكن للمرء وارث فيجوز له أن يوصي بكل ماله.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص “الثُّلُثُ قَالَ فَالثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ” أخرجه البخاري (2742) ومسلم (1628)
فهذا لعلة أن يدع ورثته أغنياء لا يتكففون الناس، فهذه العلة التي من أجلها اقتصر النبي صلى الله عليه وسلم في الوصية على الثلث، والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا فإذا وجدت العلة وجد الحكم وإذا انعدمت العلة انعدم الحكم، فالعلة ترك الورثة أغنياء، ومن لا وارث له انعدمت العلة في حقه، فله أن يوصي بكل ماله، وهذا ما ذهب إليه أبو حنيفة وأحمد في أحد قوليه وعليه جماهير الحنابلة وغيرهم.