المحاضرة الثانية_ “الفتنة لا تصيب الظالمين فقط”

المحاضرة الثانية: “الفتنة لا تصيب الظالمين فقط”

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.

بداية لابُدَّ وأن نؤصِّل لقاعدة مهمة ألا وهي: أن الفتنة لا تصيب الظالمين فقط، ولا تنـزل على المفسدين والمجرمين فحسب، ولكن قد تنـزل على الصالحين أيضًا.
فقد قال تعالى: {وَٱتَّقُواْ فِتۡنَةٗ لَّا تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمۡ خَآصَّةٗۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ (25)} [الأنفال].

وقد يتعجب البعض ويتساءل: كيف تنزل الفتنة على صالح؟!

أحد الأقوال التي قالها العلماء في تفسير الآية أنه قد يكون السبب: (السكوت عن الحق، وعدم إنكار المنكر).
فقد يكون المسلم صالحًا في نفسه وفي أعماله لكنه لا ينكر المنكر ولا يحاول دفعه أو تغييـره وهو قادر على ذلك.
فعندئذٍ قد تصيبه الفتنة ويصيبه البلاء؛ فالمؤمن مأمور من الله بدفع المنكر والنهي عنه، بل وتغيـيره بما يتناسب مع قدرته واستطاعته.

وقد أصَّل لنا النبي ﷺ قاعدة في التدرج في تغيير المنكر؛ فقال صلاة ربي وسلامه عليه: “مَن رَأَى مِنكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّـرْهُ بيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذلكَ أضْعَفُ الإيمانِ”. (رواه مسلم).

إذن فهناك مراتب لتغيير المنكر:

تبدأ أولًا -وهي أعلاها- باليد: وذلك لمن كان له سلطة التغييـر، وله القدرة عليه، حتى صاحب العمل في عمله، والرجل في بيته، والأم في بيت زوجها، ينبغي عليهم جميعًا الانتباه لهذا الأمر ما دام لديهم الاستطاعة على إنكار المنكر ومنعه.

ثم باللسان: وذلك إن عجز الإنسان عن التغييـر باليد، فعليه أن ينهى عن المنكر بلسانه؛ ويكون ذلك بالنصح والإرشاد بالحكمة والموعظة الحسنة.

ثم بالقلب: وذلك إن تَعَذَّر التغييـر باليد وباللسان، فعلى الإنسان أن ينكر المنكر حينئذٍ بقلبه؛ وذلك بأن يكرهه ويتمنى لو لم يكن موجودًا في هذا المكان الذي يحدث فيه المنكر، وأن يُريَ الله منه أنه يكره هذا الأمر، وذلك أضعف الإيمان.

Pin It on Pinterest

Share This