ج: ذهب جمهور العلماء إلى أن المضمون عنه لا تبرأ ذمته بالضمان أو الكفالة من آخر، ولكن لابد من قضاء الدين حتى تبرأ ذمته؛ لما روي عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: تُوُفِّىَ رَجُلٌ فَغَسَّلْنَاهُ وَحَنَّطْنَاهُ وَكَفَّنَّاهُ، ثُمَّ أَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى عَلَيْهِ، فَقُلْنَا: تُصَلِّى عَلَيْهِ، فَخَطَا خُطًى، ثُمَّ قَالَ: “أَعَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قُلْنَا: دِينَارَانِ، فَانْصَرَفَ، فَتَحَمَّلَهُمَا أَبُو قَتَادَةَ، فَأَتَيْنَاهُ، فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: الدِّينَارَانِ عَلَىَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : “أُحِقَّ الْغَرِيمُ، وَبَرِئَ مِنْهُمَا الْمَيِّتُ. قَالَ: نَعَمْ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ: “مَا فَعَلَ الدِّينَارَانِ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا مَاتَ أَمْسِ، قَالَ: فَعَادَ إِلَيْهِ مِنَ الْغَدِ، فَقَالَ: لَقَدْ قَضَيْتُهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : “الآنَ بَرَدَتْ عَلَيْهِ جِلْدُهُ. أخرجه أحمد في المسند (14536)، والبيهقي (6/75،74)، وأبو داود الطيالسي (1673)، والحاكم في المستدرك (2/58) من طرق عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر به.
ولما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ ». أخرجه الترمذي (1079)، والطيالسي (2512)، والدارمي (2591)، وأحمد (10159)، وابن ماجه (2413) وفي سنده عمر بن أبي سلمة وهو ضعيف الحديث.
فالدلالة واضحة من الحديثين أن المضمون عنه لا تبرأ ذمته إلا بعد قضاء الدين، وهذا ما ذهب إليه الحنابلة والشافعية والحنفية وغيرهم، والميت والحي في ذلك سواء، والله تعالى أعلم.